روايات وعبر عربية

photos riwayat wa 3ibar 3arabiya

روايات وعبر عربية - riwayat wa 3ibar 3arabiya


الرواية 1


كيف تخرج الرحمة وقت الشدة
يذكر رجل يسمى ابن جدعان
وهذه القصة حدثت منذ أكثر من مائة سنة تقريبًا
فهي واقعية .. يقول : 
خرجت في فصل الربيع ، وإذا بي أرى إبلي سماناً يكاد أن يُفجَر الربيع الحليب من ثديها ،
كلما اقترب ابن الناقة من أمه دَرّت وانفجر الحليب منها من كثرة البركة والخير ،
فنظرت إلى ناقة من نياقي وابنها خلفهاوتذكرت جارًا لي له بُنيَّات سبع ، فقير الحال ،
فقلتُ :والله لأتصدقن بهذه الناقة وولدها لجاري ،
ويقول الله :(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) [آل عمران:92] .. وأحب مالي إلي هذه الناقة ،
يقول :أخذت هذه الناقة وابنها وطرقت الباب على جاري 
وقلت :خذها هدية مني لك ..
يقول:فرأيت الفرح في وجهه لا يدري ماذا يقول ،
فكان يشرب من لبنها ويحتطب على ظهرها
وينتظر وليدها يكبر ليبيعه وجاءه منها خيرٌ عظيم !!
فلما انتهى الربيع وجاء الصيف بجفافه وقحطه ، تشققت الأرض
وبدأ البدو يرتحلون يبحثون عن الماء والكلأ ،
يقول :شددنا الرحال نبحث عن الماء في الدحول ،
والدحول :هي حفر في الأرض توصل إلى محابس مائية لها فتحات فوق الأرض يعرفها البدو 
يقول :فدخلت إلى هذا الدحل لأُحضر الماء حتى نشرب ـ وأولادي الثلاثة خارج الدحل ينتظرون ـ
فتهت تحت الدحل ولم أعرف الخروج وانتظر أبناؤه يومًا ويومين وثلاثة حتى يئسوا
وقالوا :لعل ثعبانًا لدغه ومات .. لعله تاه تحت الأرض وهلك ..وكانوا والعياذ بالله ينتظرون هلاكه طمعًا في تقسيم المال والحلال، فذهبوا إلى البيت وقسموا الميراث
فقام أوسطهم وقال: أتذكرون ناقة أبي التي أعطاها لجاره ،
إن جارنا هذا لا يستحقها ، فلنأخذ بعيرًا أجربًا فنعطيه الجار ونسحب منه الناقة وابنها ،
فذهبوا إلى المسكين وقرعوا عليه الدار وقالوا: أخرج الناقة ..
قال :إن أباكم قد أهداها لي .. أتعشى وأتغدى من لبنها ، فاللبن يُغني عن الطعام والشراب كما يُخبر النبي، 
فقالوا :أعد لنا الناقة خيرٌ لك ، وخذ هذا الجمل مكانها وإلا سنسحبها الآن عنوة ، ولن نعطك منها شيئًا !
قال :أشكوكم إلى أبيكم ..
قالوا :اشكِ إليه فإنه قد مات !!
قال : مات ..
قال كيف مات؟ولما لا أدري؟
قالوا :دخل دِحلاً في الصحراء ولم يخرج ،
قال : اذهبوا بي إلى هذا الدحل
ثم خذوا الناقة وافعلوا ما شئتم ولا أريد جملكم ،
فلما ذهبوا به وراء المكان الذي دخل فيه صاحبه الوفي
ذهب وأحضر حبلاً وأشعل شعلةً ثم ربطه خارج الدحل
فنزل يزحف على قفاه حتى وصل إلى مكان يحبوا فيه وآخر يتدحرج 
ويشم رائحة الرطوبة تقترب ،
وإذا به يسمع أنينًا وأخذ يزحف ناحية الأنين في الظلام ويتلمس الأرض ، 
ووقعت يده على طين ثم على الرجل فوضع يده فإذا هو حي يتنفس
بعد أسبوع من الضياع ، فقام وجره وربط عينيه ثم أخرجه معه خارج الدحل وأعطاه التمر وسقاه وحمله على ظهره وجاء به إلى داره ودبت الحياة في الرجل من جديد ،
وأولاده لا يعلمون ، قال :أخبرني بالله عليك كيف بقيت أسبوعًا تحت الأرض وأنت لم تمت !!
قال: سأحدثك حديثاً عجيباً ، لما دخلت الدُحل وتشعبت بي الطرق
فقلت آوي إلى الماء الذي وصلت إليه وأخذت أشرب منه,
ولكن الجوع لا يرحم ، فالماء لا يكفي يقول :
وبعد ثلاثة أيام وقد أخذ الجوع مني كل مأخذ ، وبينما أنا مستلقٍ على قفاي سلمت أمري إلى الله وإذا بي أحس بلبن يتدفق على لساني
فاعتدلت فإذا بإناء في الظلام لا أراه يقترب من فمي فأرتوي ثم يذهب ، 
فأخذ يأتيني في الظلام كل يوم ثلاث مرات ،
ولكن منذ يومين انقطع .. ولا أدري ما سبب انقطاعه ؟ 
يقول :فقلت له لو تعلم سبب انقطاعه لتعجبت !
ظن أولادك أنك مت فجاؤا إلي فسحبوا الناقة التي كان يسقيك الله منها .. 
والمسلم في ظل صدقته ، وكما قال:((صنائع المعروف تقي مصارع السوء!))
فجمع أولاده وقال لهم: أخسئوا ..لقد قسمت مالي نصفين، نصفه لي ونصفه لجاري !
أرأيتم كيف تخرج الرحمة وقت الشدة .. !
فاحرص على صدقة السر
واجعل لك صدقةً بالسر 
تنجّيك من كل كربٍ عظيم
وأنّ رحمة الله قريب من المحسنين
ويقول ابن القيم : 
والمحسن المتصدّق
يستخدم بإحسانه وصدقته 
جندا وعسكراً يدافعون عنه وهو نائمٌ بفراشه.
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنهـا لا تفرج
تذكّر أن الأمل بالله كبير
وأن مع العسر يسرا.

الرواية 2


في قديم الزّمان، كان شيخٌ عجوز يجلس مع ابنه ذي العشرين ربيعاً، وأثناء حديثهما طرق الباب فجأةً، فذهب الشاب ليفتح الباب، وإذا برجلٍ غريب يدخل البيت دون أن يسلّم حتّى، متّجهاً نحو الرجل العجوز قائلاً له: اتّقِ الله وسدّد ما عليك من الدّيون فقد صبرت عليك أكثر من اللازم ونفد صبري.
حزن الشاب على رؤية أبيه في هذا الموقف السيّء، وأخذت الدّموع تترقرق من عينيه، ثمّ سأل الرّجل كم على والدي لك من الديون ؟ أجاب الرجل: أكثر من تسعين ألف ريال، فقال الشاب: دع والدي وشأنه، وأبشر بالخير إن شاء الله.
اتّجه الشاب إلى غرفته ليحضر المبلغ إلى الرّجل، فقد كان بحوزته سبعةً وعشرين ألف ريال جمعها من رواتبه أثناء عمله ادّخرها ليوم زواجه الّذي ينتظره بفارغ الصّبر، ولكنّه آثر أن يفكّ به ضائقة والده.
دخل إلى المجلس وقال للرّجل هذه دفعة من دين والدي، وأبشر بالخير ونسدّد لك الباقي عمّا قريب إن شاء الله. بكى الشّيخ بكاءً شديداً طالباً من الرّجل أن يقوم بإعادة المبلغ إلى ابنه؛ فهو يحتاجه، ولا ذنب له في ذلك، إلّا أنّ الرجل رفض أن يلبي طلبه، فتدخّل الشاب وطلب من الرّجل أن يبقي المال معه، وأن يطالبه هو بالديون، وأن لا يتوجّه إلى والده لطلبها، ثم عاد الشاب إلى والده وقبّل جبينه قائلاً: يا والدي قدرك أكبر من ذلك المبلغ، وكلّ شيءٍ يأتي في وقته، حينها احتضن الشّيخ ابنه وقبّله وأجهش بالبكاء قائلاً رضي الله عنك يا بنيّ ووفّقك وسدّد خطاك.
في اليوم التّالي وبينما كان الشاب في وظيفته منهمكاً ومتعباً، زاره أحد أصدقائه الّذين لم يرهم منذ مدّة، وبعد سلام وعتاب قال له الصّديق الزّائر: يا أخي كنت في الأمس مع أحد كبار رجال الأعمال، وطلب منّي أن أبحث له عن رجلٍ أمين وذي أخلاقٍ عالية، ومخلص ولديه طموح وقدرة على إدارة العمل بنجاح، فلم أجد شخصاً أعرفه يتمتّع بهذه الصّفات غيرك، فما رأيك في استلام العمل، وتقديم استقالتك فوراً لنذهب لمقابلة الرّجل في المساء. امتلأ وجه الشّاب بالبشرى قائلاً: إنّها دعوة والدي، ها قد أجابها الله، فحمد الله على أفضاله كثيراً.
وفي المساء كان الموعد المرتقب بين رجل الأعمال والشاب، وارتاح الرّجل له كثيراً، وسأله عن راتبه، فقال: 4970 ريال، فردّ الرجل عليه: اذهب صباح غد وقدّم استقالتك وراتبك اعتبره من الآن 15000 ريال، بالإضافة إلى عمولة على الأرباح تصل إلى 10%، وبدل سكن ثلاثة رواتب، وسيّارة أحدث طراز، وراتب ستة أشهر تصرف لك لتحسين أوضاعك، فما إن سمع الشاب هذا الكلام حتّى بكى بكاءً شديداً وهو يقول: ابشر بالخير يا والدي. سأله رجل الأعمال عن السّبب الّذي يبكيه فروى له ما حصل قبل يومين، فأمر رجل الأعمال فوراً بتسديد ديون والده. فهذه هي ثمرة من يبرّ والديه

اترك بصمتك بتعليق قبل ان ترحل
وشكرا على تعليقاتكم الجميلة

أحدث أقدم

نموذج الاتصال